حياتنا الدنيا على اسمها دنيا لا يثبت فيها حال الإنسان بل يتقلب فيها بين ما يحبه وما يكرهه .
والعاقل إذا تأمل في هذه الدنيا وجد أنه محتاج لأن ينظر إليها نظرة المتفائل ، ويقضي على الهم والحزن الذي طالما كدر صفو الإنسان ومزاجه . والذي يُريد به الشيطان أن يُحزن به المسلم .
1_ إن التقوقع على النفس باحتضان الآلام والآهات أكبر ممتع للشيطان ، وأخصب مكان لتكاثر هذه المنغصات
وإن التطلع للحياة السعيدة والنظر لجوانب الفأل فيها لمن دواعي الأنس والارتياح ، ومن المعلوم أن هذه الدنيا مزيج من الراحة والنصب ، والفرحة والحزن ، والأمل والألم ، فلماذا يُغلب الإنسان جانبها القاتم على جانبها المشرق المتألق ؟
ومن المعقول أنه لو لم يغلب جانب التفاؤل والاستبشار فلا أقل من أن ينظر إليها بعدل واتزان .
2_ إن ضيق الصدر وحياة الضنك لا تستولي على فكر الإنسان وتحيط به من غير أسباب أخرى تدعو إليها بل هي مؤشر على وجود خلل في العلاقة بين العبد وبين ربه ، فبقدر ما يكون الإنسان مقبلاً على الله بقدر ما يفيض عليه من الأنس والراحة ما لا يعلمه إلا الله ، ولهذا كان أهل العلم والقرب والخشية من الله أسعد الناس بهذا الفضل حتى قال قائلهم تلك العبارة الخالدة : ( لو يعلم الملوك وأبناء الملوك ما نحن فيه من النعيم لجالدونا عليه بالسيوف ) . وهذا ما أفصح عنه القرآن الكريم قال الله تعالى : ( مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) النحل/97 وأما الشعور بالضيق والكدر فإنه يحمل تنبيهاً للعبد ليقوم بالتفتيش في علاقته بربه ، فإن للذنوب والمعاصي أثراً على العبد في ضيق صدره وشتات أمره قال الله تعالى : ( وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى ) طـه/124
وهذا الشاب الذي تسأل عنه فيه خير كثير حيث إنه ممن يحرص على طلب العلم ونوافل العبادات كالصيام وحسن صلة الرحم بعمته ، ومع هذا فلابد من أن تلفت انتباه هذا الرجل لمراجعة حساباته مع الله تعالى فلعل هناك ما منع عنه هذه السعادة من ذنب اقترفه في جنب الله أو حق لعبد أخذه ، وادعه لأن يكثر من التوبة والاستغفار لاسيما وقد ذكرت عنه أنه ربما نام عن الصلاة وهذا أمر عظيم تساهل فيه كثير من الناس وتهاونوا فيه .
3_ قد يكون ابتلاء هذا الشخص بالمصائب والنكبات مما يقدره الله على العبد من أجل رفع درجاته إن قام بما أمره الله تجاهها من الصبر والرضى بما قدر الله ، فإن كل ما يقدره الله على المؤمن خير له في دينه ودنياه. قال النبي صلى الله عليه وسلم : (عَجَبًا لأَمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ وَلَيْسَ ذَاكَ لأَحَدٍ إِلا لِلْمُؤْمِنِ إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ ) رواه مسلم (2999) .
وإذا أصيب المؤمن بمصيبة فهو إما أن يصبر أو يجزع فإن صبر ظفر بالأجر العظيم وارتاح لقضاء الله وقدره لأنه لما علم أنه من عند الله اطمئن لذلك وسلّم ، فلا داعي للجزع والضجر؟
وعلى العكس من ذلك لو لم يصبر فإنه مع ما يصيبه من الإثم بالجزع والتسخط ، وما يكتنفه من الهم والغم يفوته الأجر الذي أعده الله للصابرين قال الله تعالى : ( إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ) الزمر/10
4_ صدق التوجه إلى الله بالدعاء ، والتضرع له سبحانه بأن يزيل عنه هذه الوساوس ، ويكثر من الاستعاذة من الشيطان الرجيم فإنه يغيظه أن يرى العبد المؤمن في دعة وطمأنينة ، فيوسوس للعبد ليصرفه عن ذلك ويلبسه لباس الخوف والتوجس .
وقد علمنا النبي صلى الله عليه وسلم دعاء ندعو به يدفع الهم والحزن . روى أحمد (3528) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَا أَصَابَ أَحَدًا قَطُّ هَمٌّ وَلا حَزَنٌ فَقَالَ : اللَّهُمَّ إِنِّي عَبْدُكَ ، وَابْنُ عَبْدِكَ ، وَابْنُ أَمَتِكَ ، نَاصِيَتِي بِيَدِكَ ، مَاضٍ فِيَّ حُكْمُكَ ، عَدْلٌ فِيَّ قَضَاؤُكَ ، أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ ، أَوْ عَلَّمْتَهُ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ ، أَوْ أَنْزَلْتَهُ فِي كِتَابِكَ ، أَوْ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ ، أَنْ تَجْعَلَ الْقُرْآنَ رَبِيعَ قَلْبِي ، وَنُورَ صَدْرِي ، وَجِلاءَ حُزْنِي ، وَذَهَابَ هَمِّي ، إِلا أَذْهَبَ اللَّهُ هَمَّهُ وَحُزْنَهُ وَأَبْدَلَهُ مَكَانَهُ فَرَجًا . فَقِيلَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَلا نَتَعَلَّمُهَا ؟ فَقَالَ : بَلَى ، يَنْبَغِي لِمَنْ سَمِعَهَا أَنْ يَتَعَلَّمَهَا. صححه الألباني في السلسلة الصحيحة (199) .
5_ حاول أن تدله على أن يغير شيئاً من رتابة يومه فيفتح على نفسه من أنواع المباحات التي تبدد الفتور وتجدد النشاط ، لا بأس أن يسافر للنزهة والاستجمام من غير إسراف ، وأفضل من ذلك أن يسافر لأداء العمرة وزيارة المسجد النبوي ، لأنَ تغيير واقع الحياة المستمر يفيد في هذا كثيراً.
6_ عليه أن يبتعد عن الأماكن التي يشعر بأنها تثير فيه كوامن الهم والغم وتجدد فيه الأحزان ، كما أن عليه اجتناب قراءة الكتب القصصية التي تحمل طابع المأساوية ، ويحاول ألا يجالس أصحاب الهموم ولو بغرض المواساة ، وعلى العكس من ذلك يحاول قراءة الكتب المفيدة التي تبعده عن هذه الهموم ، كما أن عليه إذا شعر بالضيق والحزن ألاّ يجنح إلى الصمت والتفكير والبحث عن الانفراد في هذه الحال .
وأخيراً . .
فالنصيحة لهذا الشاب أن يرفع رأسه إلى الأمام وينظر للمستقبل بعين التفاؤل واليقين بالنجاح ، وأقول له : إنك تمتلك الكثير من مقومات النجاح وعناصر التفوق ومثلك ينتظر منه الكثير والكثير ، وأملنا في أن تزول عنك هذه الرواسب ، والهموم النفسية ، فتح الله عليك ، وفرج همك وغمك .
والعاقل إذا تأمل في هذه الدنيا وجد أنه محتاج لأن ينظر إليها نظرة المتفائل ، ويقضي على الهم والحزن الذي طالما كدر صفو الإنسان ومزاجه . والذي يُريد به الشيطان أن يُحزن به المسلم .
1_ إن التقوقع على النفس باحتضان الآلام والآهات أكبر ممتع للشيطان ، وأخصب مكان لتكاثر هذه المنغصات
وإن التطلع للحياة السعيدة والنظر لجوانب الفأل فيها لمن دواعي الأنس والارتياح ، ومن المعلوم أن هذه الدنيا مزيج من الراحة والنصب ، والفرحة والحزن ، والأمل والألم ، فلماذا يُغلب الإنسان جانبها القاتم على جانبها المشرق المتألق ؟
ومن المعقول أنه لو لم يغلب جانب التفاؤل والاستبشار فلا أقل من أن ينظر إليها بعدل واتزان .
2_ إن ضيق الصدر وحياة الضنك لا تستولي على فكر الإنسان وتحيط به من غير أسباب أخرى تدعو إليها بل هي مؤشر على وجود خلل في العلاقة بين العبد وبين ربه ، فبقدر ما يكون الإنسان مقبلاً على الله بقدر ما يفيض عليه من الأنس والراحة ما لا يعلمه إلا الله ، ولهذا كان أهل العلم والقرب والخشية من الله أسعد الناس بهذا الفضل حتى قال قائلهم تلك العبارة الخالدة : ( لو يعلم الملوك وأبناء الملوك ما نحن فيه من النعيم لجالدونا عليه بالسيوف ) . وهذا ما أفصح عنه القرآن الكريم قال الله تعالى : ( مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) النحل/97 وأما الشعور بالضيق والكدر فإنه يحمل تنبيهاً للعبد ليقوم بالتفتيش في علاقته بربه ، فإن للذنوب والمعاصي أثراً على العبد في ضيق صدره وشتات أمره قال الله تعالى : ( وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى ) طـه/124
وهذا الشاب الذي تسأل عنه فيه خير كثير حيث إنه ممن يحرص على طلب العلم ونوافل العبادات كالصيام وحسن صلة الرحم بعمته ، ومع هذا فلابد من أن تلفت انتباه هذا الرجل لمراجعة حساباته مع الله تعالى فلعل هناك ما منع عنه هذه السعادة من ذنب اقترفه في جنب الله أو حق لعبد أخذه ، وادعه لأن يكثر من التوبة والاستغفار لاسيما وقد ذكرت عنه أنه ربما نام عن الصلاة وهذا أمر عظيم تساهل فيه كثير من الناس وتهاونوا فيه .
3_ قد يكون ابتلاء هذا الشخص بالمصائب والنكبات مما يقدره الله على العبد من أجل رفع درجاته إن قام بما أمره الله تجاهها من الصبر والرضى بما قدر الله ، فإن كل ما يقدره الله على المؤمن خير له في دينه ودنياه. قال النبي صلى الله عليه وسلم : (عَجَبًا لأَمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ وَلَيْسَ ذَاكَ لأَحَدٍ إِلا لِلْمُؤْمِنِ إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ ) رواه مسلم (2999) .
وإذا أصيب المؤمن بمصيبة فهو إما أن يصبر أو يجزع فإن صبر ظفر بالأجر العظيم وارتاح لقضاء الله وقدره لأنه لما علم أنه من عند الله اطمئن لذلك وسلّم ، فلا داعي للجزع والضجر؟
وعلى العكس من ذلك لو لم يصبر فإنه مع ما يصيبه من الإثم بالجزع والتسخط ، وما يكتنفه من الهم والغم يفوته الأجر الذي أعده الله للصابرين قال الله تعالى : ( إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ) الزمر/10
4_ صدق التوجه إلى الله بالدعاء ، والتضرع له سبحانه بأن يزيل عنه هذه الوساوس ، ويكثر من الاستعاذة من الشيطان الرجيم فإنه يغيظه أن يرى العبد المؤمن في دعة وطمأنينة ، فيوسوس للعبد ليصرفه عن ذلك ويلبسه لباس الخوف والتوجس .
وقد علمنا النبي صلى الله عليه وسلم دعاء ندعو به يدفع الهم والحزن . روى أحمد (3528) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَا أَصَابَ أَحَدًا قَطُّ هَمٌّ وَلا حَزَنٌ فَقَالَ : اللَّهُمَّ إِنِّي عَبْدُكَ ، وَابْنُ عَبْدِكَ ، وَابْنُ أَمَتِكَ ، نَاصِيَتِي بِيَدِكَ ، مَاضٍ فِيَّ حُكْمُكَ ، عَدْلٌ فِيَّ قَضَاؤُكَ ، أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ ، أَوْ عَلَّمْتَهُ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ ، أَوْ أَنْزَلْتَهُ فِي كِتَابِكَ ، أَوْ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ ، أَنْ تَجْعَلَ الْقُرْآنَ رَبِيعَ قَلْبِي ، وَنُورَ صَدْرِي ، وَجِلاءَ حُزْنِي ، وَذَهَابَ هَمِّي ، إِلا أَذْهَبَ اللَّهُ هَمَّهُ وَحُزْنَهُ وَأَبْدَلَهُ مَكَانَهُ فَرَجًا . فَقِيلَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَلا نَتَعَلَّمُهَا ؟ فَقَالَ : بَلَى ، يَنْبَغِي لِمَنْ سَمِعَهَا أَنْ يَتَعَلَّمَهَا. صححه الألباني في السلسلة الصحيحة (199) .
5_ حاول أن تدله على أن يغير شيئاً من رتابة يومه فيفتح على نفسه من أنواع المباحات التي تبدد الفتور وتجدد النشاط ، لا بأس أن يسافر للنزهة والاستجمام من غير إسراف ، وأفضل من ذلك أن يسافر لأداء العمرة وزيارة المسجد النبوي ، لأنَ تغيير واقع الحياة المستمر يفيد في هذا كثيراً.
6_ عليه أن يبتعد عن الأماكن التي يشعر بأنها تثير فيه كوامن الهم والغم وتجدد فيه الأحزان ، كما أن عليه اجتناب قراءة الكتب القصصية التي تحمل طابع المأساوية ، ويحاول ألا يجالس أصحاب الهموم ولو بغرض المواساة ، وعلى العكس من ذلك يحاول قراءة الكتب المفيدة التي تبعده عن هذه الهموم ، كما أن عليه إذا شعر بالضيق والحزن ألاّ يجنح إلى الصمت والتفكير والبحث عن الانفراد في هذه الحال .
وأخيراً . .
فالنصيحة لهذا الشاب أن يرفع رأسه إلى الأمام وينظر للمستقبل بعين التفاؤل واليقين بالنجاح ، وأقول له : إنك تمتلك الكثير من مقومات النجاح وعناصر التفوق ومثلك ينتظر منه الكثير والكثير ، وأملنا في أن تزول عنك هذه الرواسب ، والهموم النفسية ، فتح الله عليك ، وفرج همك وغمك .